عدم اتباع أحد في كل أقواله وأفعاله إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال شيخ الإسلام: (والواجب على الناس اتباع ما بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم) (( وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ))[الشورى:10]، وأن يحكم الشرع، والذي يحكم الناس بمقتضى أقواله وأحواله هو رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ الذي بلغ الدرجة العليا في العبودية، وفي العمل وفي الجهاد، وفي الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وفي العلم بالله، وبأحكام الله، وبدينه، فكل من بعده تبع له، فهو الذي يحكم وحده.قال: (وأما إذا خالف قول بعض الفقهاء ووافق آخرين لم يكن لأحد أن يلزمه بقول المخالف، ويقول: هذا خالف الشرع) حتى ولو كان من كبار الصحابة، فليس هو الحكم والمرجع ما دامت المسألة خلافية، حتى ولو كان الناس قد اتفقوا على أن الآية الفلانية أو الحديث الفلاني هو دليل؛ لكن اختلفوا في فهم هذا الدليل؛ ولا يصلح لأحد أن يلزم الآخر بفهمه، ولا يجوز أن يفسق، أو يضلله، أو يبدعه؛ لأنه فهم ما لم يفهمه الآخر إذا كانت المسألة اجتهادية، وهذا أمر مقرر، وأفضل الناس وأعلم الناس -وهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم- لم يضلل بعضهم بعضاً ولم يفسق بعضهم بعضاً بناءً على ذلك، فقد اختلفوا في كثير من الأحكام، وفي فهم وتفسير بعض الآيات من كتاب الله، وكلهم يقر لأخيه بالفضل والاجتهاد والعلم، وكل منهم يحب الآخر، والاجتهاد حكمه من الله، فقد جعل العقول تختلف، وجعل هذا المورد العذب -وهو كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم- يرده الناس، فمكثر ومستقل، وكل منهم يؤتيه الله من الفهم ما لا يؤتى الآخر؛ حكمه منه عز وجل.